رحمة النبي بالأطفال
12/06/2011 - 11:12pm
كان النبي رحيمًا لين الجانب[1].
تشير التقديرات إلى أن مليون طفل سنويًّا يتم استغلالهم في البغاء وإنتاج المواد الإباحية -وما شابه من الأنشطة- وكثير منهم أجبروا أو اختطفوا أو استدرجوا، أو هم ضحايا الاتجار بالأطفال[2].
رعاية الأطفال

وإن الإنسان لَيَعْجَبُ حقًّا من رؤية مواقف رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأطفال، ويزداد العجب عندما تنظر إلى حجم المسئوليات الملقاة على عاتقه صلى الله عليه وسلم، وهو يدير الدولة، ويقود الجيوش، ويحكم بين الناس، ويتفاوض مع الوفود، ويتعامل مع الأصحاب، ويشرف على كل صغيرة وكبيرة في حياة المسلمين، ويتلقى الوحي من رب العالمين، ويصل به إلى كل من يستطيع، حتى يرسل الرسائل إلى ملوك العالم وزعمائه يدعوهم إلى الإسلام!!
رجل بهذا الثقل من المسئولية، وهذا الحجم من التَّبِعات يهتم كثيرًا –بل وكثيرًا جدًا- بأطفال أمته، مهما كانوا بسطاء!
ولا يتأتَّى ذلك إلا من نبي!
صور من رحمة النبي بالأطفال
ثم إن العجب يزداد ويزداد حتى يبلغ الذروة عندما تعلم أن رحمة الرسول هذه كانت في بيئة لا يجدون فيها حقًّا لصغير، بل ويعتبرون أن رحمة الصغير لون من ألوان الضعف غير مقبول، حتى يفتخر الرجل بأنه لا يرحم أبناءه!
قَبَّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس[4]، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله فقال: "من لا يَرحم لا يُرحم"[5].
إن الأقرع كان يظن أنه من الرجولة والفحولة أن يقسو القلب ويتحجر، حتى لا يرحم صغيرًا، ولا يُقَبِّل طفلاً، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَدَّ عليه بالرد المفحم، ولم يكن ردًا خاصًا بموقفه فقط، إنما رد بقاعدة من القواعد الإسلامية الثابتة.. إنه قال له في إيجاز: "من لا يَرحم لا يُرحَم!"..
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصبر على بكاء طفل ولا على ألمه.. يروي أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أُمَامَة بنت زينب بنت رسول الله فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها[6].
إنه هنا في أعظم شعائر الإسلام، وهي الصلاة، ومع ذلك فهو لا يصبر على بكاء الطفلة أُمَامَة حفيدته، فيحملها حتى في أثناء الصلاة!!
بل إن رحمته كانت تجعله يطيل أو يُقصِّر من صلاته بحسب ما يريح الأطفال!!
فنحن نراه في موقف عجيب يطيل السجود في صلاة الجماعة على غير عادته وذلك حتى لا يزعج طفلاً!
والقصة يرويها شداد بن الهاد[7] ويقول فيها: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلَّى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ"[8].
وعلى النقيض من هذا نجده يسرع في صلاته في ظروف أخرى لكي يرحم طفلاً آخر..
يروي أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ"[9].
ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكَيِّف -بلا تعنت ولا تشدد- صلاته وصلاة المسلمين، لكي يرحم الطفل الصغير، وكذلك ليرحم أمَّه!
وفي مواقف أخرى من السيرة تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغ من أوقاته ليلعب مع الأطفال، فهذا أسامة بن زيديروي فيقول: كان رسول الله يأخذني فيُقعِدني على فخذه ويُقعِد الحسنَ على فخذه الآخر ثم يضمهما، ثم يقول: "اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا"[10].
وانظر إلى رحمته وهو يواسي طفلاً لموت طائر صغير كان يلعب به!
يقول أنس بن مالك كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سليم[11]، ولها ابن من أبي طلحة يُكَنَّى أبا عمير، وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينًا، فقال: "ما لي أرى أبا عمير حزينًا؟!" فقالوا: مات نُغْرُه[12] الذي كان يلعب به، قال: فجعل يقول: "أبَا عُمَيْر، مَا فَعَلَ النُّغَيْر؟"[13].
إنه لا يسخر من مشاعره، ولا يُسفِّه حزنه، بل يشاركه ويضاحكه، فإذا علمت أن هذا الطفل الصغير ما هو إلا أَخٌ لخادم يخدم رسول الله اطَّلعت على قدر الرحمة والتواضع اللذين كانا في قلبه .
المصدر : http://islamstory.com/